مصر والجزائر..موقعة لا تقبل الخسائر

في العاشرة والنصف مساء وعلي صافرة الجنوب افريقي دانيال بينيت تبدأ المواجهة المرتقبة بين منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم ونظيره الجزائري علي ملعب مصطفي تشاكر بمدينة البليدة علي بعد 70 كيلو مترا من العاصمة الجزائرية ويشاهدها 40 ألف مشجع من الملعب والملايين من عشاق الكرة علي مستوي العالم عبر الشاشات نظرا لأهميتها وما سبقها من شحن إعلامي وجماهيري تابعه الجميع من المحيط حتي الخليج.. المباراة في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثالثة بالتصفيات النهائية المؤهلة إلي نهائيات كأس العالم بجنوب افريقيا 2010 يتساوي الطرفان في الرصيد ولكل منهما نقطة واحدة بعد أن تعادلنا مع زامبيا علي أرضنا وتعادل الجزائريون مع رواندا خارج أرضهم.
كما يتساوي الطرفان أيضا في الطموح والرغبة الأكيدة في الفوز والحصول علي النقاط الثلاثة للتقدم نحو تحقيق الحلم الكبير والتواجد مع الكبار في المونديال وإذا حاولنا وصف ورصد أهمية اللقاء هناك في الجزائر فلن نتمكن من نقل الصورة كما هي بعد أن ترك الجميع أشغالهم وصارت حياتهم متعلقة بخط سير المباراة ونتيجتها وكيفية تحقيق الفوز علي الفراعنة "لاقدر الله".
وحتي وصول المنتخب الوطني إلي الجزائر كانت مشاعر الجزائر دفينة لا تظهر في أحاديثهم أو اجتماعاتهم ولكن سرعان ما خرج الجميع إلي الشوارع للتعبير عنها والتأكيد علي انهم فائزون لا محالة وانه علي المصريين ان ينتظروا تلك النتيجة ولا شيء غيرها.. وقطع بعضهم عشرات الكيلو مترات من ضواحي العاصمة للطواف حول فندق المنتخب قرب مطار العاصمة وتسابق الجميع في اطلاق الأبواق وأضواء السيارات والأصوات والهتافات العالية في رسالة ارهاب واضحة وموجهة إلي المنتخب.. ولم يحل دون استمرار هذه المظاهر حتي الساعات الأولي من صباح أمس سوي الحصار الأمني المكثف الذي يحظي به فندق الفراعنة والتعزيزات الخاصة بالمنتخب والدورية الأمنية التي تتحرك معه في كل مكان الآن.
شحاتة واثق في لاعبيه
كل المقدمات تؤكد ان المواجهة لن تكون سهلة بأي حال من الأحوال للطرفين فحسن شحاتة المدير الفني لمنتخبنا اعترف بصعوبة اللقاء ولكنه أكد ان ثقته كبيرة في اللاعبين وظهور معادنهم الحقيقية في المواقف الصعبة واكد انه لا مجال للتفكير في نتيجة أخري بخلاف الفوز والحصول علي النقاط الثلاثة لأنها الفرصة الأخيرة للانطلاق من جديد في التصفيات النهائية والتعبير عن قوة المنتخب المصري واحتفاظه بقوته التي يعلمها الجميع في القارة السمراء وأشار المدير الفني إلي أن معالم التشكيل قد تكون واضحة في ذهنه ولكنه لن يعلن عنها إلا في المحاضرة النهائية للمنتخب قبل المباراة مباشرة في ضوء الاطمئنان علي كل اللاعبين واستكشاف معالم المنافس.
ولم تعكس التقسيمة النهائية للمنتخب أي شيء في ظل حرص المدير الفني علي التمويه وتجربة الدفاع أمام هجوم قوي وترك الجميع في سباق حميم للتعبير عن قدراتهم الحقيقية وتألق بالفعل عصام الحضري حارس مرمي المنتخب الوطني ونال استحسان الجميع في التدريب وهو المرشح الأول لحراسة مرمي المنتخب أمام الجزائر اليوم كما يبرز هاني سعيد ووائل جمعة في الدفاع ومعهما احمد فتحي وسيد معوض وحسني عبدربه "محمد شوقي" واحمد حسن وأبوتريكة "محمد زيدان" وعمرو زكي ويحتفظ المعلم بالعديد من الأوراق الرابحة علي الدكة العامرة بالأسماء والقدرات الهائلة سواء في الدفاع أو الهجوم.
نزل الجهاز الفني بالحمل التدريبي في مراني أمس وأمس الأول وبرر شحاتة ذلك بأن اللقاء سيكون مرهقا إلي حد كبير في ظل استعدادات المنافس وحرص جماهيره علي الفوز وحماس اللاعبين والجهاز الفني لتقديم أفضل عرض ممكن أمام هذه الجماهير الغفيرة ارضاء لهم في المقام الأول كما ان الجزائريين يتمتعون باللياقة البدنية العالية والقدرة علي التحرك طوال اللقاء مدعومين بالمساندة الجماهيرية المتوقعة ولذلك كان من الضروري النزول بالحمل التدريبي حتي يدخر اللاعبون مجهودهم إلي المواجهة الصعبة.
تأمين وخطة متوازنة
ووضح ان تعليمات المدير الفني انحصرت في ضرورة التأمين الدفاعي وعدم الافراط في الظهور الهجومي والاستناد إلي تعليمات الجهاز الفني وتوجيهاته والتقيد بها في الشوط الأول بقدر الإمكان وادراك حقيقة ان المنافس لا يقل في الطموح عن المنتخب المصري ولكنه يتفوق بعاملي الأرض والجماهير وهما من العوامل المؤثرة والقادرة علي ترجيح كفة طرف علي الآخر ومن المقرر ان يلعب شحاتة بخطة متوازنة بين الدفاع والهجوم تقوم علي غلق الممرات والمداخل الهامة نحو مرمي الحضري وتنويع اللعب بين اليمين واليسار والسعي الجاد وراء عدم الاحتفاظ بالكرة أغلب الفترات هروبا من الخشونة والتداخل القوي من جانب لاعبي الجزائر وخاصة مع حماسة وقوة البداية.
كما وضح ان منتخبنا سيغير من طريقة علي مدار اللقاء وفقا لسير اللعب ونظرة المنافس إلي نتيجتها وهدفه منها ولدي شحاتة ما يمكنه من التغيير أكثر من مرة اثناء سير اللقاء بالنظر إلي خبرة لاعبي الوسط والهجوم وقدرة الجميع علي التحول والجمع بين الواجبات الدفاعية والهجومية في الوقت نفسه.
ووجه حسن شحاتة رسالة إلي جماهير الكرة المصرية وكل أب وأم في محافظات مصر بضرورة الدعاء إلي أولادهم في هذا الاختبار الصعب والتأكيد علي ان امتحان الجزائر الليلة سيكون غاية في الصعوبة ودعواتهم قد تخفف من هذه الصعوبة وتمنح الابناء القدرة علي الصمود ومواجهة حماس المنافس وعصبية جمهوره.
أما شوقي غريب المدرب العام للمنتخب فقال ان النقطة صارت مهمة وحساسة وفاصلة في المجموعة الثالثة بالتصفيات النهائية وهي الحقيقة التي نقلناها إلي اللاعبين في المران الأخير واكدنا عليها اكثر من مرة طوال الأيام الماضية فالنقطة تعني التقدم في المنافسة وقد تعني الخروج منها ايضا ولابد من السعي وراء تحقيق أفضل المكاسب الممكنة لأن الفوز يتقدم بنا في المشوار الطويل والصعب نحو مونديال جنوب افريقيا الذي ينتظره الجميع في مصر وقال غريب ان اللاعبين علي قدر كبير من الوعي وتقدير المسئولية وهي النقطة التي تساعدنا علي التعايش مع اجواء اللقاء الملتهبة والاطمئنان إلي قوة وصلابة اللاعب المصري في مواجهة مثل هذه الاختبارات.
الاحتياط واجب
أما عن حركات التمويه وعدم الكشف عن أوراق منتخبنا في التدريبين الأخيرين قال غريب انه من الصعب علي أي مدير فني أن يكتشف نقاط القوة والضعف لدي المنافس بمجرد مشاهدة أو متابعة مران لايتعدي وقته ال 90 دقيقة ولكن كان لزاما علينا التعامل مع الموقف بقدر كبير من الاحتياط والحذر لأن المباراة لا تقبل المجازفة أو التهور في أي شيء يخص الاستعداد أو التشكيل الخاص بها.. وكرة القدم الآن لا تعرف الأسرار أو الخبايا ولكن لا يوجد ما يمنع الحفاظ علي قدر ضئيل من السرية وما يتعلق بطريقة اللعب وتوزيع اللاعبين في الملعب وهي النقاط التي نركز عليها في الجهاز الفني للمنتخب الآن.
وشارك أحمد سليمان مدير حراس المرمي في الحديث عن استعداد حراس المنتخب للقاء الهام والمصيري وقال ان مرمي المنتخب بخير طالما توفر لدينا مجموعة من الحراس المميزين أمثال الحضري وعبدالواحد السيد ومحمد صبحي وقال لمست رغبة أكيدة من الحراس في المشاركة وخوض المباراة الصعبة وهذا حق لكل منهم ولكن علينا اختيار حارس واحد في النهاية وفي كل الأحوال سيكون مرمي المنتخب بخير.
اضاف انه لن يتحدث عن الأقوال التي ترددت في الفترة الأخيرة حول ضعف حراسة مرمي الجزائر لأن ابتعاد أي حارس عن مستواه في مباراة أو غياب التوفيق عنه في تلك المباراة لا يعني ان مستواه ضعيف علي طول الخط ولابد من التعامل مع الغير بقدر كبير من الاحترام وافتراض القوة قبل افتراض الضعف وهذا الوضع ينطبق علينا وعلي الغير.
3 سيارات أمن وطابور من الحرس
حسن شحاتة المدير الفني لمنتخبنا الوطني رفض اقتراب أي شخص من التدريبات الخاصة بالمنتخب وتمسك بموقفه حتي النهاية وسمح للاعلاميين المرافقين للبعثة بمتابعة جزء صغير من التدريبات لا يتجاوز ال 15 دقيقة في كل مرة علي ان تشمل هذه المدة التقاط الصور والاطلاع علي الخطوط العريضة للتدريب وحرص أكثر من مرة علي متابعة الأجواء حول ملعب المباراة وتجول ببصره في المدرجات بحثا عن المتسللين والبصاصين كما تابع أبوكريم عمليات التأمين التي يحظي بها المنتخب في الفندق وساعده في ذلك حازم الهواري عضو مجلس الادارة وصلاح حسني سكرتير عام الاتحاد وعلاء عبدالعزيز مدير العلاقات العامة.
وشملت عملية تأمين مقر بعثة المنتخب الوطني وجود 3 سيارات للأمن الوطني الجزائري بخلاف طابور من رجال الأمن وقف جميعهم عند المدخل الرئيسي للفندق ومنعوا عدداً كبيراً من السيارات والمارة من الاقتراب من الفندق أو حتي التقاط الصور لسيارة المنتخب اثناء دخولها وعندما سألنا أحد أعضاء طاقم الحراسة عن سبب هذا التأمين المبالغ فيه رد قائلا "الوقاية خير من العلاج دائما".
معسكر عسكري.. والمقاتلون جاهزون
أما عن المنتخب الجزائري فاستعد للقاء من خلال معسكر اعداد قوي في مدينة مرسيليا بجنوب فرنسا وسعي المدير الفني رابح سعدان إلي جمع أكبر قدر ممكن من اللاعبين الدوليين المحترفين والمحليين وحشدهم جميعا استعدادا للقاء ويكفي القول ان معسكر المنتخب الجزائري سواء في مرسيليا أو حتي قبيل اللقاء بساعات قليلة ضم ما يقرب من 28 لاعبا ورفض المدير الفني التخلص من الزيادات حتي آخر لحظة وما أثار قلق المدير الفني طوال الوقت هو عدم انتظام وانضمام لاعبي المنتخب الجزائري المحترفين كما ان اللاعبين اعتادوا الحديث عن التشكيل وسعي بعضهم إلي التعرف علي موقفه النهائي من خوض المباراة قبل اللقاء بيومين وهو ما وضع المدير الفني في موقف حرج ودفعه إلي تأجيل الاعلان عن التشكيل أو حتي مجموعة ال 18 حتي قبيل المواجهة مباشرة خوفا من غضب وثورة اللاعبين.
انتظم سعدان بلاعبيه في المعسكر العسكري كما يطلقون عليه هنا في الجزائر واحتفظ سعدان بنفس درجات التأمين والآمان حتي ان الاتحاد الجزائري ومسئولي الكرة هنا فضلوا تأجيل المؤتمر الصحفي الذي كان مقرراً عقده أمس للمدير الفني لتفادي المواجهات الاعلامية مع المدير الفني أو التأثير سلبيا في الجهاز الفني واللاعبين قبل المباراة.
يعتمد سعدان علي مجموعة متميزة من اللاعبين الاكفاء يجمع معظمهم بين الخبرة والمهارة والقوة ابتداء من الحارس جواوي وكريم زياني وغزال وحسين عشيو وحاج عيسي وبوجرة وعنتر يحيي وغيرهم من العناصر الجاهزة والمتعطشة لمواجهة منتخبنا الليلة.